جيرارد بيكيه وبرشلونة – الأمير الذي عاد لعرشه
في عالم كرة القدم، كثيرون يعودون إلى أوطانهم…
لكن قلة فقط يعودون ليقودوا الوطن نحو المجد.
هذا ما فعله جيرارد بيكيه: الطفل الذي غادر لمانشستر، ثم عاد شابًا ليتحول إلى قائد ومقاتل ومهندس الانتصارات الكبرى.
الفصل الأول: الولادة في لاماسيا… والرحيل المبكر
وُلد بيكيه في 1987 في عائلة كتالونية مرموقة: جده كان مديرًا سابقًا في برشلونة، ووالده محامٍ ووالدته مديرة مستشفى.
انضم إلى أكاديمية لاماسيا وهو طفل، وتربى على فلسفة “التيكي تاكا” و”اللعب الجميل”.
لكنه في 2004، ومع عدم وجود فرصة سريعة للصعود، غادر إلى مانشستر يونايتد وهو بعمر 17 عامًا… مغامرة محفوفة بالمجهول.
في إنجلترا، تعلم بيكيه شيئًا لم يكن موجودًا في برشلونة حينها:
الصلابة الدفاعية، القتال البدني، والهوية الإنجليزية في الدفاع.
لكنه ظل يحمل الحلم في قلبه… العودة ذات يوم، لكن ليس كأي عائد: بل كقائد.
الفصل الثاني: العودة الكبرى – 2008
في صيف 2008، قرر برشلونة إعادته، ووافق مانشستر بسهولة… لم يكن أحد يدرك أن هذه الصفقة ستكون واحدة من أهم صفقات برشلونة في القرن.
تزامنت عودته مع تولي بيب غوارديولا تدريب الفريق، ومع صعود جيل استثنائي كان بيكيه جزءًا لا يتجزأ منه، kooralive.
من أول موسم، أصبح أساسيًا… ليس فقط بسبب طوله أو قوته، بل بسبب أسلوب لعبه الفني، وقدرته على البناء من الخلف، وجرأته في الالتحام والهجوم.
الفصل الثالث: مهندس الدفاع في عصر التيكي تاكا
بين 2008 و2015، عاش بيكيه أزهى فتراته مع برشلونة، وكان أحد أعمدة الفريق:
- شكّل ثنائيًا أسطوريًا مع بويول، ثم لاحقًا مع أومتيتي أو لينغليت
- سجل أهدافًا حاسمة في الكلاسيكو
- كان دائمًا يبدأ الهجمة من الخلف، كما لو كان لاعب وسط لا مدافعًا
كان المدافع الذي يمرر بدقة، ويبني، ويقود، ويهدد في الكرات الثابتة.
الفصل الرابع: لحظات لا تُنسى
من أجمل لحظاته الخالدة:
- هدفه في الكلاسيكو 2009 في السداسية التاريخية، حين راوغ وسجّل وكأنه مهاجم
- احتفاله الشهير برفع الستة أصابع لجمهور ريال مدريد
- تصريحاته الجريئة دائمًا بعد المباريات، والتي جعلت منه ناطقًا باسم الجماهير
- مواقفه القوية في الدفاع عن كتالونيا، وهوية برشلونة كرمز إقليمي
الفصل الخامس: صعود وسقوط ثم عودة
رغم سنوات المجد، لم تخلُ مسيرة بيكيه من التحديات:
- في 2014–2015، واجه انتقادات حادة بسبب تراجع مستواه
- لاحقًا، عاد بقوة وشارك في ثلاثية جديدة تحت قيادة إنريكي
- في أواخر مسيرته، ورغم تقدم العمر، ظل عنصر خبرة لا يمكن الاستغناء عنه
كان بيكيه المدافع الذي يعرف متى يهاجم ومتى يتراجع… والمخضرم الذي يُقاتل بلا خوف حتى ضد الزمن.
الفصل السادس: القرار الكبير – الاعتزال المفاجئ
في منتصف موسم 2022–2023، وبينما لم يكن هناك أي مؤشرات، أعلن بيكيه اعتزاله المفاجئ.
ودّع كامب نو بكلمات مؤثرة، وقال:
“لقد منحتُ كل شيء لهذا النادي، وأعرف أنني سأعود يومًا ما… هذا ليس وداعًا، بل إلى اللقاء.”
رحل بيكيه بعد سنوات من الألق، وكان آخر من تبقى من جيل الذهب بعد ميسي وبوسكيتس.
أرقام وإنجازات بيكيه مع برشلونة:
- 🎯 616 مباراة
- ⚽ 53 هدفًا (كأحد أكثر المدافعين تهديفًا)
- 🏆 8 دوري إسباني
- 🏆 7 كأس ملك
- 🏆 6 سوبر إسباني
- 🏆 3 دوري أبطال أوروبا
- 🏆 3 كأس العالم للأندية
- 🏆 3 سوبر أوروبي
ومع المنتخب:
- 🏆 كأس العالم 2010
- 🏆 يورو 2012
الخاتمة: بيكيه… المدافع الذي فكّر كمهاجم
جيرارد بيكيه لم يكن مجرد مدافع.
كان رمزًا لعصر ذهبي، وصوتًا للفريق، وقطعة نادرة جمعت بين فكر المدرسة الكتالونية وصلابة المدرسة الإنجليزية.
لم يكن خاليًا من العيوب… لكنه كان دائمًا حقيقيًا.
في الملعب، في الإعلام، وحتى في لحظة الوداع.
برشلونة أنجب عباقرة، لكن بيكيه كان أميرًا عائدًا إلى مملكته… وأوفى بها حتى اللحظة الأخيرة.