أنطوان غريزمان وأتلتيكو مدريد: قصة حب… وجرح… وغفران
في كرة القدم، توجد علاقات تبدأ بالمصادفة، وتنتهي بأسطورة.
لكن قليلًا منها يعرف طريق العودة… بعد الخيانة.
وهكذا كانت حكاية أنطوان غريزمان مع أتلتيكو مدريد: قصة بدأت بحلم، وبلغت القمة، ثم انكسرت… قبل أن تُبعث من جديد.
البداية: عندما راهن عليه سيميوني
في صيف 2014، تعاقد أتلتيكو مدريد مع غريزمان من ريال سوسيداد مقابل 30 مليون يورو.
وقتها، كان مجرد جناح موهوب يتمتع بالسرعة والتقنية، لكنه لم يكن نجمًا عالميًا بعد.
دييغو سيميوني، الرجل الذي يعرف كيف يصقل الشخصيات، آمن به كلاعب يمكنه أن يتحول إلى “الوجه الهجومي الأول” للفريق بعد رحيل دييغو كوستا.
ولم يخيب غريزمان الظن.
من جناح إلى هدّاف: غريزمان يتوهج
منذ موسمه الأول، انفجرت موهبة الفرنسي. تطور بدنيًا وتكتيكيًا تحت قيادة سيميوني، وتحوّل من جناح يلعب على الأطراف إلى مهاجم حر يجيد التمركز والتمرير والتسجيل، kora live.
أرقامه مع أتلتيكو في فترته الأولى (2014–2019):
- ✅ 257 مباراة
- ⚽ 133 هدفًا
- 🎯 50+ تمريرة حاسمة
- 🏆 الدوري الأوروبي 2018
- 🏆 السوبر الأوروبي 2018
- 🏆 السوبر الإسباني 2014
- ❌ نهائي دوري أبطال أوروبا 2016 (الخسارة أمام ريال مدريد بركلات الترجيح)
لم يكن مجرد هدّاف، بل كان القلب النابض لهجوم أتلتيكو، ومصدر الإبداع في فريق يقوم على الانضباط الدفاعي أكثر من اللعب الجميل.
الجرح: خيانة صيف 2019
بعد سنوات من الارتباط العاطفي بالنادي والجماهير، قرر غريزمان الرحيل إلى برشلونة في صيف 2019.
الرحيل بحد ذاته لم يكن المشكلة… بل الطريقة.
أعلن قراره في فيديو تمهيدي، وأتى الإعلان بعد سلسلة مواقف جعلت الجماهير تشعر أنه “يلعب بمشاعرهم”.
ثم ظهرت تقارير بأن برشلونة تفاوض معه سرًا، قبل أشهر من دفع الشرط الجزائي (120 مليون يورو).
رحيله أثار سخطًا كبيرًا…
الجماهير شعرت بالخيانة، وسيميوني لم يُخفِ خيبة أمله.
التجربة الباردة في برشلونة
مع برشلونة، لم يكن غريزمان ذلك النجم اللامع.
لعب في مركز غير مناسب، فقد حريته، تاه وسط فوضى النادي في حقبة ما بعد ميسي.
- لعب 102 مباراة
- سجّل 35 هدفًا
- أحرز كأس الملك فقط
- عانى من ضغط المقارنات وسوء التفاهم مع ميسي
كان لاعبًا جيدًا… لكن ليس ذلك البطل الذي كان عليه في مدريد.
العودة: من الباب الضيق إلى القلب من جديد
في 2021، قرر أتلتيكو مدريد استعادة غريزمان… لكن الأمر لم يكن سهلًا.
عاد على سبيل الإعارة، وسط رفض جماهيري كبير.
الهتافات ضده في البداية كانت قاسية. “الخائن”، “المرتزق”، “لا نريدك”…
لكنه لم يرد بالكلام، بل بالعرق.
عاد غريزمان أكثر نضجًا، أكثر شغفًا، وأكثر التزامًا…
لعب بأدوار تكتيكية جديدة، ركض أكثر من الجميع، صنع الأهداف، وسجّل في اللحظات الحاسمة.
وفي موسم 2022–2023، استعاد مكانته كنجم الفريق الأول، وأصبح:
- أكثر من يصنع الأهداف في الليغا
- أفضل لاعب في أتلتيكو ذلك الموسم
- رمزًا للإصرار والغفران
تحليل فني: لماذا كان غريزمان لاعبًا مثاليًا لسيميوني؟
- المرونة التكتيكية: يستطيع اللعب كمهاجم، صانع ألعاب، جناح، بل وحتى كلاعب وسط متأخر أحيانًا!
- الجهد البدني: لا يتوقف عن الركض، يضغط، يدافع، ويستعيد الكرة.
- العقلية: لاعب ذكي جدًا، يعرف متى يظهر، وكيف يضرب الخصم.
- الروح القتالية: رغم قامته الصغيرة، لا يخشى الالتحامات، ويقاتل كجندي.
الدرس الأخلاقي: الغفران ممكن… إذا أخلصت
قصة غريزمان تُظهر أن حتى الخيانة يمكن أن تُغتفر في كرة القدم، إذا أظهر اللاعب التزامًا حقيقيًا.
- عاد رغم الكراهية
- قاتل من أجل استعادة الحب
- لم يتحدث كثيرًا… بل لعب كثيرًا
وبعد موسمين فقط، تحوّل من مكروه إلى محبوب… مرة أخرى.
الإرث
غريزمان اليوم يُصنّف كأحد أعظم اللاعبين في تاريخ أتلتيكو مدريد، ليس فقط بالأرقام، بل بالرمزية.
هو رمز لـ:
- لاعب تطور مع أتلتيكو
- غادر بحثًا عن المجد
- ثم عاد ليجد نفسه من جديد
الخاتمة: بين القلب والعقل… اختار العودة
أنطوان غريزمان لم يكن مجرد مهاجم… بل كان قصة.
قصة لاعب فرنسي وجد في مدريد وطنًا ثانيًا،
خان قلبه… لكنه عاد ليُعيد دقاته.
ولأن كرة القدم لا تنسى… لكنها أحيانًا تسامح،
عاد غريزمان ليُكتب اسمه في قلوب مشجعي الأتلتي، بحبر الجهد والتوبة والإخلاص.