تشابي ألونسو وريال مدريد: المايسترو الذي أعاد التوازن للملكي
حين تنظر إلى وسط ملعب ريال مدريد في السنوات الذهبية ما بين 2010 و2014، ستجد لاعبًا لا يصرخ، لا يركض بجنون، ولا يبحث عن الأضواء، لكنه يتحكم بإيقاع المباراة كأنه مايسترو يقود أوركسترا… إنه تشابي ألونسو.
من آنفيلد إلى البرنابيو: صفقة الهدوء والسيطرة
في صيف 2009، تعاقد ريال مدريد مع تشابي ألونسو قادمًا من ليفربول الإنجليزي مقابل حوالي 30 مليون يورو، في صفقة لم تحظَ بضجيج إعلامي كبير مقارنةً بصفقات أخرى ككاكا ورونالدو، لكنها كانت أكثر من ضرورية.
المدرب مانويل بيليغريني أراد لاعبًا يضبط إيقاع الوسط، يملك القدرة على التمرير الطويل، التمركز، وقطع الكرات… وكل هذه الصفات اجتمعت في رجل واحد: ألونسو.
لاعب يفكر قبل أن تصل إليه الكرة
تشابي لم يكن لاعبًا يعتمد على السرعة أو المهارات الفردية، بل على الذكاء والبديهة.
كان يلعب وكأن لديه شاشة صغيرة في عينيه تُريه الملعب قبل الجميع. تمريراته كانت دقيقة كساعة سويسرية، سواء القصيرة أو الطولية.
لم يكن يركض كثيرًا، لكنه يختار موقعه بدقة. لم يكن يسجل كثيرًا، لكنه يصنع اللعب من أعماق الوسط. وكان الرابط المثالي بين الدفاع والهجوم.
توازن دفاعي وسلاح هجومي
مع قدوم المدرب جوزيه مورينيو في 2010، أصبحت أهمية ألونسو مركزية في خطة اللعب.
في خطة 4-2-3-1، لعب بجانب كدييرا أو لاسانا ديارا، وكان القاعدة التي ينطلق منها كريستيانو وأوزيل ودي ماريا.
ألونسو لم يكن فقط منظّم اللعب، بل درعًا دفاعيًا هائلًا، بفضل قراءته الممتازة للعب، وتحركاته الذكية، وتدخلاته النظيفة.
الألقاب مع ريال مدريد
خلال خمس سنوات مع الفريق الملكي، ساهم تشابي ألونسو في عودة ريال مدريد إلى منصات التتويج:
- 🏆 دوري أبطال أوروبا: 2013–14 (رغم غيابه عن النهائي بسبب الإيقاف)
- 🏆 الدوري الإسباني: 2011–12
- 🏆 كأس ملك إسبانيا: 2010–11، 2013–14
- 🏆 كأس السوبر الإسباني: 2012
ورغم أن البعض يقلل من إنجازاته لأن فترة برشلونة الذهبي كانت في ذروتها، فإن ألونسو كان عنصرًا أساسيًا في كسر هيمنة البلاوغرانا في بعض الفترات.
ليلة ميونيخ: درس في الإتقان
من أبرز لحظات تشابي ألونسو في قميص ريال مدريد، كانت في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2013-2014 أمام بايرن ميونيخ، حين قدّم مباراة مذهلة في الذهاب والإياب، خاصة في الأليانز أرينا حيث سحق الريال خصمه 4-0.
في تلك الليلة، كان ألونسو العقل المدبر خلف الانتصار، بتمريراته الذكية، وقطعه المتكرر لهجمات بايرن، وتحكمه الكامل في الرتم، kora live.
الرحيل المفاجئ: من مدريد إلى بايرن
في صيف 2014، وبعد تتويجه بدوري الأبطال، قرر تشابي ألونسو الرحيل إلى بايرن ميونيخ، مفاجئًا الجميع، خاصة أن مستواه لم يكن قد انخفض.
قال حينها:
“غادرت وأنا في القمة. أردت تحديًا جديدًا، وريال مدريد سيبقى في قلبي إلى الأبد.”
كان وداعًا راقيًا، يليق بلاعب مثله… لم يثر المشاكل، لم يطلب الأضواء، فقط شكر النادي والجماهير ورحل بهدوء.
ماذا قالوا عنه؟
- كارلو أنشيلوتي: “تشابي هو أكثر لاعب درّبته يفهم كرة القدم. هو مدرب داخل الملعب.”
- كريستيانو رونالدو: “هو لاعب تعرف أنك إن أعطيت له الكرة، فكل شيء سيكون تحت السيطرة.”
- راموس: “ألونسو هو صمّام الأمان في الفريق. حين يغيب، نشعر بالفرق فورًا.”
الإرث الخالد في مدريد
رغم أنه لم يقضِ وقتًا طويلًا في ريال مدريد (2009–2014)، إلا أن تأثيره كان كبيرًا.
تشابي ألونسو هو اللاعب الذي جعل من خط الوسط مكانًا للفكر والتخطيط، وليس فقط للركض والصراع.
هو أحد القلائل الذين يُجمع الخصوم قبل الزملاء على احترامهم.
ألونسو بين مدريد وليفربول وإسبانيا
من النادر أن ترى لاعبًا يحظى بالحب والاحترام في ثلاثة أماكن بهذا الحجم:
- في ليفربول، هو بطل دوري الأبطال 2005.
- في ريال مدريد، هو رجل التوازن والهدوء في فترة حافلة بالتوتر.
- وفي منتخب إسبانيا، كان جزءًا من الجيل الذهبي الذي حصد كأس العالم ويورو مرتين.
الخاتمة: تشابي… النبل الكروي المتجسد
تشابي ألونسو لم يكن مجرد لاعب وسط… كان عقلًا كرويًا متنقلًا.
في زمن كان يُقاس فيه اللاعب بعدد أهدافه، فرض ألونسو نفسه بتمريراته.
وفي نادٍ تعوّد على النجوم الذين يخطفون الأضواء، اختار أن يكون الظل الهادئ الذي يصنع الفارق من بعيد.