جوردي ألبا وبرشلونة – عداء الجناح الأيسر الذي صنع الانفجارات
بين الخط والتماس، كان يركض دون كلل.
يمرر، يهاجم، يعود، يصرخ، يصنع… وأحيانًا، ينهي الهجمة بهدف قاتل.
جوردي ألبا لم يكن فقط ظهيرًا أيسر، بل كان ماكينة هجومية لا تتوقف.
وفي برشلونة، كان خط اليسار اسمه…
وصوته، وسرعته، وروحه.
الفصل الأول: عودة الابن الضال
بدأ ألبا مسيرته في أكاديمية لاماسيا، لكنه لم يُحتفظ به كلاعب ناشئ بسبب بنيته الجسدية الضعيفة.
غادر إلى كورنيّا، ثم إلى فالنسيا، حيث تطوّر كلاعب، وأصبح أحد أفضل الأظهرة في الليغا.
ثم في صيف 2012، وبعد تألقه مع منتخب إسبانيا في يورو 2012، عاد إلى برشلونة بـ14 مليون يورو.
لكن عودته لم تكن “عودة لاعب مغمور”… بل عودة ابن ناضج، سريع، وجاهز ليحجز مكانه بين الكبار.
الفصل الثاني: الجناح الهدّاف في زي ظهير
مع بداية حقبته في برشلونة، بدأ ألبا يُظهر شيئًا غير مألوف في مركز الظهير الأيسر:
- انطلاقات خاطفة خلف الدفاعات
- تناغم غريب مع ميسي
- عرضيات أرضية مرعبة
- قدرة على التواجد دائمًا في المكان المناسب
وكانت شراكته مع ميسي من أكثر الشراكات نجاحًا في أوروبا خلال العقد الأخير.
- ميسي يرسل الكرة…
- وألبا يظهر من العدم…
- ثم يعيدها لميسي أو يسجل بنفسه.
كانت لعبة محفوظة… لكنها قاتلة.
الفصل الثالث: ألبا في لحظات الحسم
لم يكن ألبا لاعبًا يختبئ في المباريات الكبيرة، بل كان حاضرًا في:
- الكلاسيكوهات، حيث غالبًا ما شكل تهديدًا على دفاع ريال مدريد
- دوري الأبطال، خاصة في الريمونتادا أمام باريس، حيث مرر تمريرة الهدف الخامس
- النهائيات المحلية، حيث شارك في حسم أكثر من نهائي كأس ملك
ولم يكن غريبًا أن يُسجل بنفسه في نهائي يورو 2012 مع إسبانيا، بطريقة تشبه أهدافه مع برشلونة:
انطلاقة – تمريرة – هدف.
الفصل الرابع: الشخصية النارية خلف الموهبة
خلف ملامحه الحادة وجسده الصغير، كان ألبا مقاتلًا بالفطرة.
- لا يسكت في وجه الحكام
- دائم التوتر في المواجهات الكبيرة
- يُستفز بسهولة… لكنه لا يهرب
- يتقدم للأمام بلا خوف… ويعود كأن الحياة تعتمد على ذلك
ورغم ذلك، كان محبوبًا من زملائه، لأنه كان يعطي كل ما لديه من أجل القميص.
الفصل الخامس: سنوات ما بعد المجد – ألبا كرمز للثبات
بعد رحيل تشافي وإنييستا، ثم نيمار، ثم ميسي… بقي ألبا.
لم يرحل كما رحل الآخرون، بل تحمّل مسؤولية الجيل الجديد، وأصبح قائدًا فعليًا في غرفة الملابس.
وفي فترات كثيرة، كان هو من يحمل الحمل الهجومي حين يعجز الآخرون.
حتى في سن الـ32، بقي الرقم الصعب في الرواق الأيسر.
الفصل السادس: الوداع المهيب… والدمعة الأخيرة
في مايو 2023، أعلن جوردي ألبا رحيله عن برشلونة، بعد 11 عامًا، أكثر من 450 مباراة، وعشرات اللحظات التي لا تُنسى.
وودّعه الكامب نو كما يليق بالأوفياء:
بالدموع، بالتصفيق، باللافتات… وبذكريات لن تُمحى، كورة لايف.
أرقام جوردي ألبا مع برشلونة:
- 🏟️ 459 مباراة
- ⚽ 27 هدفًا
- 🎯 أكثر من 90 تمريرة حاسمة
- 🏆 6 دوري إسباني
- 🏆 5 كأس ملك
- 🏆 4 سوبر إسباني
- 🏆 1 دوري أبطال أوروبا
- 🏆 1 سوبر أوروبي
- 🏆 1 كأس العالم للأندية
الخاتمة: جناح لا يتوقف… ورجل لا يُنسى
جوردي ألبا كان أكثر من ظهير… كان قوسًا من النار يشتعل على الطرف.
كان الركض الذي لا يتعب، والتمرير الذي لا يُخطئ، والولاء الذي لا يتغيّر.
وحين نكتب تاريخ برشلونة الحديث، سنقول:
“على الجهة اليسرى… كان هناك رجل يُدعى جوردي ألبا.
لا يعرف الراحة، ولا يحب الظلال… لأنه كان النور ذاته.”