جولين غيريرو وأتلتيك بيلباو: الفتى الذهبي الذي رفض أن يخلع الأحمر والأسود
في عالَمٍ كانت فيه الأضواء تسرق المواهب من أنديتها، وقف شابٌ باسكي نحيل، بشَعره الطويل وموهبته اللامعة، يعلن وفاءه الأبدي لنادٍ واحد، لمدرجٍ واحد، ولمدينةٍ واحدة.
اسمه جولين غيريرو، وموهبته لم تكن أقل من أن تضعه في ريال مدريد أو مانشستر يونايتد… لكنه اختار أتلتيك بيلباو.
البداية: الولد الذي عانق المجد مبكرًا
ولد جولين في 7 يناير 1974 في مدينة بوخو الباسكية، وتدرّج في أكاديمية أتلتيك بيلباو الشهيرة ليزامابيا، حيث أظهر سريعًا قدراته الفنية العالية، وتسديداته المذهلة، وقراءته الذكية للملعب.
كان لاعب وسط هجومي، يمتلك كل شيء:
- رؤية ممتازة
- تسديدات صاروخية
- لمسات ناعمة
- شخصية قيادية منذ الصغر
صعد إلى الفريق الأول في موسم 1992–1993، ومنذ أول لمسة له، أدرك جمهور سان ماميس أن شيئًا استثنائيًا وُلِد.
تألق مبكر… وأوروبا تراقب
في موسمه الأول مع الفريق، سجل جولين 10 أهداف كلاعب وسط! وهو رقم كبير حينها.
وفي الموسم التالي، أصبح هداف الفريق برصيد 18 هدفًا في الليغا – وهو ما جعله محط أنظار كبار أوروبا.
العروض تنهال:
- ريال مدريد أبدى اهتمامًا شديدًا
- مانشستر يونايتد حاول التفاوض
- إنتر ميلان وبرشلونة كانوا يراقبونه
لكن جولين قال لا… واختار البقاء، لأن قلبه لم يعرف نادياً غير بيلباو.
اللاعب الذي أعاد الحلم إلى سان ماميس
كان غيريرو يمثل الحلم الباسكي.
لاعب أنيق، وسيم، متعلم، نجم إعلامي… لكنّه متواضع. ظل دائمًا قريبًا من الجماهير.
قاد بيلباو في التسعينيات لواحد من أفضل فتراته في العصر الحديث، وبلغ معه وصافة الدوري الإسباني في موسم 1997–1998، ليعود الفريق للمشاركة في دوري أبطال أوروبا بعد غياب طويل، kooralive.
وكان جولين حينها قائد الفريق وأفضل لاعبيه.
الوفاء الذي صار عبئًا
مع مطلع الألفية، بدأت مسيرة غيريرو تتراجع.
الإصابات أثّرت على مستواه، والمدربون الجدد لم يعتمدوا عليه كثيرًا.
لكنه لم يغادر أبدًا، رغم أنه كان يستطيع إنقاذ ما تبقى من مسيرته بالانتقال لفريق آخر.
بل اختار أن يكون وفيًا حتى النهاية.
أنهى مسيرته في بيلباو عام 2006 بعد 14 موسمًا من العطاء.
بالأرقام:
- 🏟️ 430 مباراة رسمية مع بيلباو
- ⚽ 116 هدفًا (رغم كونه لاعب وسط!)
- 🧢 41 مباراة دولية مع منتخب إسبانيا
- 🏆 شارك في يورو 1996 وكأس القارات 1997
النهاية الهادئة… وصمت الأساطير
رغم موهبته، لم يُنصفه الإعلام الإسباني بعد الاعتزال.
لكنه ظل في ذاكرة كل مشجع لأتلتيك بيلباو، كأيقونة للوفاء، ورمز لأناقة التسعينيات.
وفي مفارقة مؤثرة، لم يلعب جولين غيريرو أي نهائي مع بيلباو، ولم يحقق أي لقب كبير… لكنه خرج من الملاعب محبوبًا أكثر من أي بطل.
الإرث مستمر: “ابن الأسد”
بعد سنوات من اعتزاله، ظهر في الإعلام اسمٌ جديد: نيكو غيريرو، ابن جولين، الذي سار على خطى والده، ولعب في فئات الناشئين لأتلتيك بيلباو.
الجينات مستمرة، والحب للنادي كذلك، وكأن جولين لم يعتزل أبدًا.
الختام: الفتى الذي قال “لا” للعالم وقال “نعم” للقلب
جولين غيريرو لم يكن مجرد لاعب وسط موهوب.
كان حالة شعورية، تجسيدًا لمعنى أن ترفض المجد الشخصي من أجل الولاء، أن تبقى نجمًا في سماء واحدة، لا قمرًا يتنقل بين المجرات.
ربما لم يحقق البطولات، لكن يكفيه أنه بطل ذاكرة كل باسكي نشأ على حكاية الفتى الوسيم الذي لم يخن مدينته أبدًا.