رونالدو والنصر.. حين يُصبح الهداف عبئًا على الحلم
في ليلة تاريخية دوّن فيها النصر فوزًا هو الأكبر في تاريخ دوري روشن للمحترفين بتساعية ساحقة ضد الأخدود، غاب كريستيانو رونالدو، لكن حضر الجدل بكامل أناقته.
لأن الانتصار الأكبر جاء دون “صاروخ ماديرا”، تجرأت الجماهير، وصعدت نبرة النقد، وتحولت الإنجازات الفردية إلى شماعة تُعلّق عليها خيبات موسم كامل.
غياب النجم.. وانفجار المنظومة
رونالدو، الذي ارتبط اسمه دومًا بالأرقام الفلكية واللحظات الحاسمة، لم يكن جزءًا من هذا الانتصار الصاخب. غاب للراحة الجسدية وربما النفسية بعد وداع آسيوي مؤلم وخسارة قاسية أمام الاتحاد، لكن الفريق قدّم عرضًا هجوميًا لا يُصدق.
ماني، الذي بدا ضائعًا هذا الموسم، سجّل سوبر هاتريك. جون دوران، الوافد الشاب الذي لاحقته السخرية، دوّن ثنائية. الفريق تحرر، وكأن الغياب المؤقت لأيقونته منح الآخرين لحظة نادرة للتنفس.
لكن السؤال الأهم: لماذا لا يلعب الفريق بهذه الطريقة في وجود رونالدو؟
هل هو فعلاً عبء؟ أم أن الأزمة أعمق من مجرد وجود نجم كبير في منظومة غير جاهزة لاستيعابه؟
العبء.. لا يكمن في رونالدو وحده
صحيح أن كريستيانو لم يعد ذلك الوحش البدني الذي يرعب المدافعين بسرعته وانفجاره، لكن هذا لا يعني أنه انتهى. هو لا يزال الهداف الأول للفريق والدوري، يقود سباق الحذاء الذهبي، ويتصدّر المشهد التهديفي بـ23 هدفًا.
لكن المشكلة أن النصر يبدو فريقًا هشًّا نفسيًا، لا يقوى على اللعب الجماعي عندما يكون رونالدو حاضرًا. وكأنّ هيبته تجمد الدماء في عروق بقية النجوم.
وهنا نعود للحديث عن “ضعف الشخصية”، لا عند رونالدو، بل عند المنظومة.
الفريق الذي لا يتنفس إلا بإذن قائده
أن تصنع فريقًا حول نجم، هذا طبيعي. لكن أن يصبح الفريق تابعًا، لا يتحرك ولا يتنفس إلا بما يسمح به نجمه، فهنا الكارثة.
كلما غاب رونالدو، تحرر البعض، خاصة ماني ودوران، لكنهما في وجوده يختفيان، وكأنهما لا يملكان الشجاعة لسرقة لقطة أو أخذ قرار حاسم.
المنظومة المريضة.. لا النجم الكبير
لننظر إلى الصورة كاملة. رونالدو طالب بصفقات واضحة، بجناح أيمن، بمحور دفاعي، بحارس مستقر. لم يتحقق شيء.
رحل تاليسكا، نجم الفريق الأول قبل قدوم رونالدو، وتعاقد النادي مع لاعبين لم يتركوا أي بصمة، بينما ارتكب فرناندو هييرو أخطاء فنية وإدارية ساهمت في هذه الفوضى.
رونالدو، في النهاية، هو الذي أنقذ الموسم ببطولة عربية، وهو من يسجل دائمًا، ويحاول، ويقاتل، لكنه لا يستطيع أن يصنع المعجزة وحده، kooora live.
المشكلة ليست في أن “رونالدو يسرق الأضواء” بل في أن البقية لا يجيدون الإضاءة
الفرق الكبرى تحتمل النجوم. ريال مدريد احتوى رونالدو لأنه كان يملك راموس، ومارسيلو، ومودريتش، وبنزيمة، وكروس.
النصر لا يملك هذه الشخصية الجمعية. لذلك عندما يغيب النجم، يظهر الفريق. وعندما يحضر، يختبئ الكل خلفه.
هل الحل في الرحيل؟
ربما يكون رحيل رونالدو مفيدًا للنصر إذا أراد النادي بناء منظومة جديدة قوية، لا تتكئ على اسم واحد. لكن أيضًا، ربما يكون رحيله إعلان فشل مشروع كامل، لم يُحسن استغلال أكبر أسطورة في التاريخ الحديث لكرة القدم.
وفي هذه الحالة، سيخرج رونالدو رابحًا، تاركًا خلفه أرقامًا خرافية، وجمهورًا منقسمًا، وفريقًا لم يعرف يومًا كيف يتعامل مع عظمة لا يمكن احتواؤها.