لوكاس فاسكيز وريال مدريد: عندما تكون الأجنحة من فولاذ
في كرة القدم، اعتدنا أن يكون الأجنحة مراوغين، متباهين، عشّاق كاميرات…
لكن لوكاس فاسكيز كسر هذه القاعدة تمامًا.
فهو الجناح الذي لا يراوغ من أجل المتعة، بل من أجل الفريق.
الجناح الذي لا يبحث عن هدف شخصي، بل عن تغطية الظهير أو تمرير عرضية في اللحظة الحرجة.
لو سألت مشجع ريال مدريد عن فاسكيز، سيقول لك:
“ليس الأفضل، لكنه رجل الريمونتادا… والجندي الذي لا يتأخر أبدًا.”
الفصل الأول: البداية من القاعدة… والانطلاق من كاستيا
وُلد لوكاس في غاليسيا، لكنه انتقل إلى أكاديمية ريال مدريد وهو في الـ16 من عمره.
نشأ في “كاستيا”، وتدرج في صفوف الفريق الرديف، حتى لفت الأنظار بمستوياته القتالية.
لكن في 2014، لم يكن له مكان في الفريق الأول، فخرج على سبيل الإعارة إلى إسبانيول… وهناك، انفجرت طاقته.
سنة واحدة كانت كافية ليُثبت أنه يستحق العودة، فعاد إلى الفريق الملكي في 2015 بطلب من المدرب رافاييل بينيتيز.
الفصل الثاني: زيدان وفاسكيز… العلاقة التي غيّرت كل شيء
مع قدوم زين الدين زيدان، أصبحت حياة فاسكيز مختلفة.
المدرب الفرنسي آمن به، وبدأ يستخدمه كورقة هجومية دفاعية على الأطراف، خاصة في الليالي الأوروبية الكبرى.
في دوري أبطال أوروبا 2015–2016، لعب أدوارًا مهمة، أبرزها:
- دخوله في نهائي دوري الأبطال ضد أتلتيكو مدريد
- تسديد أول ضربة جزاء في ركلات الترجيح بثقة تامة
- دعمه الدفاعي المستمر لكارفخال
ومن هنا، بدأ فاسكيز يُعرف بأنه:
“الرجل الذي يلعب كل شيء، ولا يُخطئ في التفاصيل الصغيرة.”
الفصل الثالث: فاسكيز والمرونة التكتيكية
مع السنوات، لم يعد فاسكيز مجرد جناح أيمن.
بل أصبح “الجوكر” الذي يمكنه أن:
- يلعب كظهير أيمن (خاصة بعد إصابة كارفخال الطويلة)
- يضغط عاليًا
- يعود لتغطية ثلاثي الدفاع
- يصنع الفرص من لا شيء
وكانت هذه المرونة سببًا في أن يكون ضمن خطط كل مدرب مرّ على ريال مدريد:
- زيدان
- سولاري
- لوبيتيغي
- أنشيلوتي
في كل نظام، فاسكيز له مكان.
الفصل الرابع: لاعب الريمونتادا
في موسم 2021–2022، موسم “الريمونتادا التاريخية”، لعب فاسكيز دورًا مهمًا حتى لو لم يكن دائمًا في التشكيلة الأساسية.
دخوله ضد تشيلسي ومانشستر سيتي أعاد التوازن للفريق، وحافظ على الضغط والانتشار، kooralive.
قد لا يسجل، لكنه يجري كأن حياته تتوقف على كل كرة.
وقد لا يصنع هدفًا، لكنه يمنع هدفًا بعرقلة دقيقة أو تغطية مخلصة.
الجمهور يعرف ذلك… ولهذا لا يُصفّر عليه أبدًا، حتى في أسوأ لحظاته.
الفصل الخامس: أرقام لا تُكذب… وفاء بالأفعال لا بالكلام
منذ عودته للفريق الأول في 2015، وحتى 2025:
- لعب أكثر من 300 مباراة بقميص ريال مدريد
- سجل ما يزيد عن 25 هدفًا
- صنع أكثر من 60 هدفًا
- لعب كجناح وظهير ووسط طرف
والأهم؟ لم يطلب يومًا الرحيل… رغم العروض، رغم قلة المشاركات، رغم الاستغناء عن زملائه في فترات مختلفة.
الفصل السادس: لماذا يُحب أنشيلوتي لوكاس فاسكيز؟
أنشيلوتي يرى في فاسكيز لاعبًا لا يطلب شيئًا، لكنه يمنح كل شيء.
قال عنه ذات مرة:
“فاسكيز مثال للمحترف الحقيقي. لا يُثير الضجة، ولا يُخطئ حين يدخل.”
إنه “ورقة تكتيكية” مثالية، يُغلق بها المدرب الثغرات، ويضغط بها على الخصوم، ويستنزف بها الأجنحة.
الفصل السابع: الحب المتبادل مع الجماهير
فاسكيز لا يُطلب منه تسجيل أهداف ولا القيام بـ”سحر كروي”.
لكنه يفعل شيئًا واحدًا يحبه جمهور البرنابيو:
الركض بلا توقف… واللعب بقلبه.
حين يركض خلف الكرة في الدقيقة 93، وهو متأخر في النتيجة، يصفق له الملعب… لأنه يجسد الروح.
جمهور ريال مدريد لا يطلب الكمال… بل يطلب الولاء، وفاسكيز يمنحهم ذلك.
الفصل الثامن: 10 سنوات من القتال
الآن، في 2025، يقترب فاسكيز من إتمام 10 سنوات متواصلة في الفريق الأول لريال مدريد.
10 سنوات لم يكن فيها “أساسيًا دائمًا” ولا “نجم الغلاف”، لكنه:
- قاتل في كل دقيقة
- لم يطلب الرحيل
- لم يخلق مشكلة
- كان عنصرًا في كل النجاحات الأوروبية
قليلون هم من يبقون كل هذه الفترة في نادٍ مثل ريال مدريد… وفاسكيز أحدهم.
الخاتمة: لوكاس فاسكيز… الظل الذي لا يغيب
قد يرحل النجوم، وتُكسر الأرقام، ويُنسى بعض الأبطال…
لكن فاسكيز سيُذكر دائمًا على أنه:
- اللاعب الذي لم يطلب الأضواء، لكنه أنار الطريق
- الجناح الذي لا يُقهر في القتال
- والرجل الذي حمل اسم ريال مدريد بقلبه، لا بلسانه
إنه رمز بسيط لشيء عظيم:
“أن تكون مدريديًا لا يعني أن تكون نجمًا… بل أن تعيش من أجل القميص.”