لوكاس هيرنانديز وأتلتيكو مدريد: الوريث الذي أدار ظهره للعرش
في كل فريق عظيم، يولد لاعب لا يُشبه غيره… لاعب يُشكل امتدادًا طبيعيًا لتاريخ النادي، وكأن دماء القميص تجري في عروقه.
لوكاس هيرنانديز كان واحدًا من هؤلاء، وُلد في حضن أتلتيكو مدريد، وتدرّج في مدارسه، وارتدى قميصه كحلم الطفولة.
لكن قصته، رغم بدايتها المشرقة، حملت مفارقة درامية… إذ انتهت كما لم يتوقعها أحد.
النشأة: في بيت أتلتيكو منذ المهد
وُلد لوكاس عام 1996 في مدينة مارسيليا الفرنسية، لكن نشأته الكروية كانت في مدريد، حيث انضم إلى أكاديمية أتلتيكو وعمره لا يتجاوز الـ11 عامًا.
هو ابن المدافع السابق “جان فرانسوا هيرنانديز”، لكن مشواره لم يكن مبنيًا على النسب، بل على العرق، والانضباط، والتدرج السليم.
في مدارس أتلتيكو، تعلّم أن الدفاع لا يكون بالفن فقط، بل بالقلب والجسد.
ووجد في مدربه سيميوني المثال الأعلى للصرامة والشغف، فأصبح مشروع مدافع مثالي في منظومة لا ترحم.
الصعود المفاجئ: موهبة تُقاتل
في موسم 2015–2016، بدأت ملامح لوكاس تظهر مع الفريق الأول. وفي ظل إصابات متكررة، ألقى به سيميوني في المعركة… ولم يخيب الآمال.
رغم صغر سنه، أظهر نضجًا تكتيكيًا مذهلًا، وكان مزيجًا بين القوّة البدنية والعقل الدفاعي، kooora live.
أبرز صفاته:
- يستطيع اللعب كـقلب دفاع أو ظهير أيسر بنفس الجودة.
- شجاع في الالتحامات، قوي في الكرات الهوائية.
- سريع، ومتماسك نفسيًا، ولا يخشى المواجهات المباشرة.
لحظة المجد: بطل أوروبا مع الروخيبلانكوس
موسم 2017–2018 كان تتويجًا لمكانته داخل الفريق. أصبح لاعبًا أساسيًا في عدد كبير من المباريات، وخاصة في بطولة الدوري الأوروبي.
في نهائي البطولة أمام مارسيليا، وقف لوكاس في الخط الخلفي إلى جانب غودين وخوانفران، وقدم مباراة صلبة ساهمت في تتويج أتلتيكو باللقب.
كان هذا اللقب بمثابة أول تتويج أوروبي كبير له، وحدث في المدينة التي وُلد فيها، ضد فريق مسقط رأسه… مفارقة لم يخطط لها أحد.
مونديال 2018: الولاء لفرنسا… والبروز العالمي
رغم نشأته في إسبانيا، قرر لوكاس تمثيل المنتخب الفرنسي، وشارك في كأس العالم 2018 كلاعب أساسي في مركز الظهير الأيسر.
هناك، أبهر العالم بصلابته وشخصيته القوية، ورفع الكأس الأغلى… بطلًا للعالم وعمره 22 عامًا فقط.
وبينما كانت فرنسا تحتفل، بدأت الأندية الكبرى تراقب اللاعب الذي أصبح أحد أفضل المدافعين الشباب في العالم.
التحول الكبير: البايرن يخطف الجوهرة
في صيف 2019، وقّع بايرن ميونخ مع لوكاس مقابل 80 مليون يورو، ليصبح أغلى صفقة في تاريخ النادي الألماني وقتها…
وأغلى صفقة بيع في تاريخ أتلتيكو مدريد.
لكن قرار الرحيل لم يكن سهلًا على الجماهير…
فقد رأوا في لوكاس امتدادًا لروحهم، وسليلًا وفيًا لأسلوبهم،
لكن المال، والطموح، وربما الإغراء الأوروبي… كانت أكبر من الانتماء.
قال البعض إن لوكاس “خان المدرسة التي ربّته”،
لكن آخرين فهموا أنها لعبة الاحتراف… وأنه ببساطة “رحل حين أصبح عظيمًا”.
نظرة تحليلية: ما الذي ميّز لوكاس في أتلتيكو؟
- المرونة التكتيكية: لعب كظهير وكقلب دفاع بكفاءة عالية.
- القتالية: لا يتراجع، لا يهاب، لا يلين… حتى في أكبر المباريات.
- الشخصية: كان شابًا بعقلية لاعب ناضج، لا ينكسر تحت الضغط.
كان حلقة وصل بين جيل الروخيبالنكوس الذهبي وبين المستقبل…
لكن النهاية جاءت أسرع مما توقع الجميع.
الإرث: ماذا ترك لوكاس في مدريد؟
رغم قِصر تجربته، إلا أن لوكاس هيرنانديز ترك بصمة قوية:
- 🏆 الدوري الأوروبي 2018
- 🏆 السوبر الأوروبي 2018 (ضد ريال مدريد)
- ⚔️ أكثر من 100 مباراة رسمية بقميص أتلتيكو
- 💔 ورحيل أثار جدلًا عاطفيًا أكثر من فني
لم يكن أحد يتوقع أن يغادر “ابن النادي” بهذا الشكل، لكن الواقع فرض نفسه.
الخاتمة: من الشوارع الحمراء إلى سماء أوروبا
لوكاس هيرنانديز هو قصة لاعب لم يكن مجرد موهبة… بل كان تجسيدًا حيًا للروح الأتلتيكية.
قاتل، تألق، أخلص، ثم رحل… لا كخائن، بل كمن اختار طريقًا آخر.
قد لا يُصنفه التاريخ ضمن رموز النادي الكبار، لكنه سيبقى في الذاكرة كواحد من أولئك الذين شبّوا في النار… وتوهجوا فيها.