ماركو أسينسيو وريال مدريد: الموهبة التي أحبها زيدان… وخذلها القدر
في كل جيل، يظهر لاعب يُبهر الجميع بلحظات سحرية، لمسات يسارية ناعمة، وأهداف لا تُنسى.
أسينسيو كان ذلك اللاعب في ريال مدريد.
شاب بوجه طفولي، يسدد كالكبار، ويتحرك كأنه يلعب على سطح البحر… بلا مقاومة.
لكن كرة القدم لا تكتفي بالموهبة، أحيانًا تُعطيك كل شيء في لحظة، ثم تسلبه منك في أخرى.
الفصل الأول: بداية الحلم – من مايوركا إلى الملكي
ولد ماركو أسينسيو في جزر البليار، ولفت الأنظار سريعًا في صفوف مايوركا بمهاراته وأهدافه.
ريال مدريد تحرك مبكرًا، ووقع معه في 2014، ثم أعاره لفريقه الأم لمزيد من الخبرة.
عندما عاد في 2016، لم يكن أحد يتوقع أن يترك كل هذا الأثر فورًا…
لكن أسينسيو اختار أن يُعلن وصوله بأفضل طريقة ممكنة، كورة لايف.
الفصل الثاني: الظهور الأول… هدف خارق في كأس السوبر الأوروبي
أغسطس 2016، كأس السوبر الأوروبي أمام إشبيلية، زين الدين زيدان يقرر إشراكه في التشكيلة.
وفي أول لمسة حقيقية…
يسدد أسينسيو صاروخًا من خارج المنطقة، هدف لا يُصدق… بداية أسطورية.
ومنذ تلك اللحظة، بدأت الصحافة تتحدث عنه كـ”النجم القادم”، وزيدان قال عنه:
“لديه كل شيء… السرعة، التسديد، الشخصية، الهدوء. إنه لاعب لم نر مثله منذ سنوات.”
الفصل الثالث: 2017… سنة الانفجار الكبير
في موسم 2016–2017، واصل أسينسيو تقديم العروض المذهلة:
- سجل في ذهاب كأس السوبر الإسباني ضد برشلونة
- ثم سجل هدفًا أجمل في الإياب، بصاروخ يساري في مرمى تير شتيغن
- شارك كبديل مهم في مباريات دوري الأبطال
- وساهم في تحقيق الثنائية التاريخية: الدوري ودوري الأبطال
كان لاعبًا “قادمًا من الدكة” لكنه يصنع الفرق كل مرة.
أسينسيو بدا وكأنه الوريث الشرعي لـ كريستيانو رونالدو على الجناح الأيسر.
الفصل الرابع: موهبة على مفترق الطرق
رغم بدايته القوية، لم يكن أسينسيو دائمًا أساسيًا.
النجوم في مدريد كثيرون، والمنافسة شرسة.
وفي كل مرة يُطلب منه أن يثبت نفسه، كان يفعلها، لكن لم يثبت يومًا مكانًا لا يُمس.
موسم 2017–2018 كان جيدًا، لكنه لم يرتقِ إلى توقعات الجماهير بعد بداية نارية.
ثم جاء القرار الأصعب: رحيل كريستيانو رونالدو في 2018…
وكانت الفرصة أمام أسينسيو ليأخذ مكانه… لكنه لم يفعل.
الفصل الخامس: الإصابة القاتلة… والعودة المستحيلة
في صيف 2019، وبينما كان أسينسيو يستعد لبداية جديدة، جاءت الضربة القاتلة:
تمزق في الرباط الصليبي خلال مباراة ودية ضد آرسنال.
الدموع، الصدمة، عام كامل من الغياب… كانت نقطة تحوّل مريرة.
عاد في 2020، لكن لم يكن أسينسيو القديم.
السرعة قلت، الثقة تراجعت، واللمسة الحاسمة غابت في كثير من الأحيان.
لكنه لم يستسلم… قاتل، واستعاد مكانته تدريجيًا.
الفصل السادس: سنوات البحث عن الذات
بين 2020 و2023، لعب أسينسيو أدوارًا متنوعة:
- جناح أيمن
- صانع ألعاب
- بديل “جاهز للتسجيل” في الدقيقة 70
سجل أهدافًا حاسمة، أبرزها:
- ضد غرناطة
- ضد فالنسيا
- ضد إنتر في دوري الأبطال
لكنه لم يكن أبدًا “رجل المشروع”، بل ظل في خانة “الاحتياطي الفاخر”.
الفصل السابع: الرحيل في صمت
في صيف 2023، انتهى عقد أسينسيو مع ريال مدريد.
النادي لم يُقدّم له العرض الذي انتظره، واللاعب شعر أن وقته قد انتهى.
قرر الانتقال إلى باريس سان جيرمان في صفقة مجانية.
رحل بهدوء… دون دموع، دون صراعات… لكنه ترك خلفه لحظات لا تُنسى، وأهدافًا تُعرض في كل ملخص تاريخي.
الفصل الثامن: ماذا قدم أسينسيو لريال مدريد؟
في 7 مواسم، حقق:
- 3 دوري أبطال أوروبا
- 3 سوبر أوروبي
- 3 كأس عالم للأندية
- 3 دوري إسباني
- 3 سوبر إسباني
وسجل أكثر من 50 هدفًا بقميص ريال مدريد، كثير منها كان حاسمًا وجميلًا.
الخاتمة: ماركو أسينسيو… اللمسة التي خذلها الجسد
أسينسيو لم يكن يومًا لاعبًا عاديًا… كانت موهبته خارقة، وتسديداته ساحرة، لكنه لم يكن محظوظًا.
لم يصل لما كان يمكن أن يصل إليه، ليس لأنه لم يحاول، بل لأن جسده خانه في أصعب لحظة.
ومع ذلك، سيبقى في ذاكرة جماهير مدريد كواحد من أصحاب “اللحظات السحرية”.
اللاعب الذي سجل في أول مباراة، وأبهر في الكلاسيكو، وأهدى البرنابيو أهدافًا ستعيش طويلًا.
لأن كرة القدم ليست فقط عن الاستمرارية… بل أحيانًا عن اللحظات التي لا تُنسى.