خيسوس غاميز وأتلتيكو مدريد: الجندي المجهول في جيش سيميوني
حين يُذكر أتلتيكو مدريد في عهد دييغو سيميوني، يتبادر إلى الأذهان أسماءٌ مثل غودين، كوكي، وخوانفران…
لكن خلف الكواليس، كانت هناك أسماء أخرى، لم تخطف الأضواء، ولم تملأ الصحف، لكنها قاتلت في صمت.
من بين هؤلاء… كان خيسوس غاميز، الرجل الذي عرف تمامًا أن المجد لا يعني بالضرورة أن تكون البطل، بل أن تكون جزءًا من معركة أكبر.
من ملقا إلى مدريد: انتقال متأخر… لكن مستحق
وُلد خيسوس غاميز في مدينة فوينخيرولا الأندلسية، وبدأ مسيرته مع نادي ملقا، حيث قضى أغلب سنوات شبابه وأصبح قائدًا للفريق.
لكن في صيف عام 2014، وفي عمر الـ29، تلقّى اتصالًا غير متوقع…
دييغو سيميوني يريده في أتلتيكو مدريد.
لم يكن توقيعًا دعائيًا، ولم يُنظر إليه كصفقة مدوية…
بل كـ”قطعة ناضجة” تُضاف إلى آلة سيميوني الدفاعية…
رجل بخبرة، وبعقلية دفاعية صارمة، يمكنه أن يملأ الفراغ عندما يحتاجه الفريق.
لاعب بمواصفات سيميوني
ما الذي جعل سيميوني يطلب خيسوس غاميز بالذات؟
الجواب ببساطة: الصرامة والانضباط.
غاميز كان ظهيرًا أيمنًا يعتمد عليه، يمتاز بـ:
- صلابة دفاعية قوية في المواقف الفردية.
- تمركز جيد يجعل منه حائط صد في الكرات العرضية.
- طاعة تكتيكية مطلقة… لا يغامر، لا يخرج عن النظام.
- مرونة في شغل مركز الظهير الأيسر عند الحاجة.
لم يكن يتوقع أحد أن يخطف الأضواء، لكنه كان يُلبي نداء المعركة كلما احتاجه المدرب.
الدور في الظل… والإضافة الهادئة
رغم أن غاميز لم يكن أساسيًا في ظل وجود خوانفران في الجهة اليمنى وفليبي لويس في اليسرى،
إلا أنه شارك في عدد من المباريات الهامة في موسميه مع الفريق (2014–2016).
كان يتم استدعاؤه في لحظات الطوارئ، في مباريات الكأس، وفي بعض لقاءات الليغا حين تُنهك الأقدام الأخرى…
وكان دومًا يؤدي بثقة، وبهدوء.
وفي غرفة الملابس، كان الصوت الهادئ العاقل، يساعد اللاعبين الشباب على الانضباط، ويضيف “شخصية ناضجة” لفريق مليء بالحماسة، koora live.
منظور تحليلي: لماذا يُحسب له ما لا يظهر في الإحصائيات؟
في كرة القدم الحديثة، هناك نوع من اللاعبين لا يقاس تأثيرهم بعدد الأهداف أو التمريرات… بل بالثقة التي يمنحونها لمدربهم.
غاميز لم يكن سريعًا أو هجوميًا مثل دانيل ألفيش، لكنه كان:
- منضبطًا تكتيكيًا: يعرف متى يتقدم ومتى يتراجع.
- مخلصًا للأدوار: لا يبحث عن الظهور الفردي.
- جاهزًا بدنيًا ونفسيًا رغم قلة الدقائق.
لهذا يُطلق عليهم لقب “الجنود المجهولين”… الذين يصنعون النجاح في صمت.
الرحيل بهدوء… واستمرار المشوار
بعد موسمين في العاصمة، غادر خيسوس غاميز إلى نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي، لكنه لم يُقدم الكثير هناك.
لكن ما غرسه في أتلتيكو بقي شاهدًا على لاعبٍ احترم القميص، وقدم أفضل ما لديه في كل مرة استُدعي فيها.
الخاتمة: رجل في الخلفية… لكنه من نسيج الأبطال
ليس كل من مرّ في تاريخ الأندية الكبرى يُذكر كأيقونة،
لكن في غرف الأبطال… هناك دومًا أسماء لا تنسى، لأنها ساعدت الفريق على أن يبقى واقفًا في أحلك الظروف.
خيسوس غاميز لم يكن بطلًا في العناوين، لكنه كان أحد الجنود الشرفاء في جيش سيميوني.
وإن كان تاريخ أتلتيكو مدريد الحديث قد كُتب بحروف نارية، فإن غاميز ساهم – وإن بهدوء – في إبقاء النار مشتعلة.