فيرناندو يورينتي وأتلتيك بيلباو: ملك الهواء في سان ماميس
قد لا يكون اسمه الأبرز عالميًا، لكنه في بيلباو اسمٌ لا يُذكر إلا مقرونًا بـ الفخر، الكبرياء، والوفاء الطويل.
إنه فيرناندو يورينتي، مهاجم بأقدام قوية، ورأسية لا ترحم، ونشأةٍ باسكية صلبة تجسّدت في مسيرته مع أتلتيك بيلباو، النادي الذي آمن به صغيرًا، وأعطاه مجدًا كبيرًا، koralive.
النشأة والانضمام لأكاديمية “ليزامابيا”
ولد يورينتي في 26 فبراير 1985 في بامبلونا، عاصمة إقليم نافارا المجاور لإقليم الباسك. وبما أن سياسة بيلباو تسمح بضم اللاعبين من الأقاليم الباسكية الواسعة (نافارا، ألافا، بيسكاي، غيبوثكوا)، كان انضمامه للنادي مسألة وقت.
في سن الـ 11، التحق بأكاديمية ليزامابيا الشهيرة، وتدرّج بهدوء في الفئات السنية، كبر بين ملاعب التدريب الترابية وهو يحلم يومًا أن يُسمع اسمه في “سان ماميس” العريق.
الصعود للفريق الأول وبزوغ النجم
في موسم 2004-2005، صعد يورينتي للفريق الأول وبدأ رحلته الطويلة مع أتلتيك بيلباو.
لكنه لم يصبح نجم الفريق مباشرة، بل تطلب الأمر وقتًا حتى ينضج بدنيًا وتكتيكيًا.
في موسم 2007-2008، بدأ يورينتي في فرض نفسه كمهاجم لا يمكن تجاهله، ومع كل موسم كان يسجل أهدافًا أكثر، ويجعل دفاعات الليغا تتألم من حضوره الطاغي.
الأسلوب: القوّة والرقي في آنٍ معًا
كان يورينتي مهاجمًا تقليديًا في بعض النواحي – طويل القامة، قوي بدنيًا، متخصص في الكرات الهوائية – لكنه لم يكن مجرد آلة تهديف.
بل كان أيضًا:
- 🎯 ذكيًا في التحركات
- 🎯 قادرًا على اللعب بظهره للمرمى
- 🎯 صانع ألعاب متقدم يساعد الجناحين
- 🎯 بارعًا في الضربات الرأسية (قلّما كان يُهزم في الهواء)
أسلوبه جعل منه سلاحًا تكتيكيًا رئيسيًا لكل مدرب دربه، من خواكين كاباروس حتى مارسيلو بييلسا.
موسم 2011–2012: ذروة المجد الجماهيري
يُعتبر موسم 2011–2012 هو أفضل مواسم يورينتي على الإطلاق بقميص بيلباو، حيث:
- 🔥 سجل 29 هدفًا في جميع البطولات
- 🏆 قاد الفريق إلى نهائي الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ)
- 🏆 وصل أيضًا إلى نهائي كأس ملك إسبانيا
ورغم خسارة الفريق في النهائيين أمام أتليتكو مدريد وبرشلونة، إلا أن بيلباو استعاد بفضل يورينتي هيبته الأوروبية، وبات يُعرف بلقب “فريق الشعب الشجاع”.
في ذاك الموسم، أصبح يورينتي رمزًا لأتلتيك بيلباو، يُغني له الجمهور في المدرجات، ويضع صورته الأطفال على جدران منازلهم.
الرحيل الصعب: صراع الهوية والاحتراف
لكن كما هي الحياة… تأتي لحظة التحوّل.
في موسم 2012–2013، دخل يورينتي في خلافات مع إدارة النادي حول تجديد العقد، ومع رفضه التوقيع، أصبح الوضع متوتّرًا، وتحول من محبوب الجماهير إلى لاعب يتم التشكيك في ولائه.
ورغم أنه أكمل الموسم حتى النهاية، إلا أن العلاقة مع المدرجات لم تعد كما كانت.
في صيف 2013، انتقل مجانًا إلى يوفنتوس الإيطالي، تاركًا وراءه سنوات من المجد، لكن أيضًا لحظة وداع باهتة لواحد من أعمدة الفريق الحديث.
بالأرقام مع بيلباو:
- 🏟️ 333 مباراة رسمية
- ⚽ 118 هدفًا
- 🏅 رابع أكثر هدافي النادي في القرن 21
- 🎯 أكثر من 20 هدفًا في المواسم الثلاثة الأخيرة له
دوليًا: بطل صامت
رغم أنه لم يكن أساسيًا في منتخب إسبانيا الذهبي، إلا أن يورينتي كان جزءًا من أعظم لحظات الكرة الإسبانية:
- 🏆 بطل العالم 2010
- 🏆 بطل أوروبا 2012
كان أحد الحلول البديلة الفعالة، وعندما كان يدخل، يغيّر الإيقاع، خاصة في المباريات التي تتطلب حضورًا بدنيًا أمام منتخبات مغلقة.
الإرث: حكاية مهاجم وفيّ… ثم محترف
تاريخ فيرناندو يورينتي مع بيلباو معقّد، لكنه غني.
هو ابن الأكاديمية، المهاجم الذي أعاد الفريق للنهائيات، لكنه في النهاية غادر في لحظة رمادية.
هل خانه الطموح؟ هل خانته الإدارة؟ أم أنها سنة الحياة الاحترافية؟
الزمن وحده أجاب: فقد استمر جمهور بيلباو في احترامه لاحقًا، وتقدير ما قدّمه في سنوات الولاء.
الختام: “الأسد الطويل” الذي لم يحنِ رأسه
في نادٍ لا يلعب فيه إلا أبناء الإقليم، لا يمكن لأي لاعب أن يُزيف الانتماء.
يورينتي لم يكن فقط ابن النادي، بل كان الرمز الهجومي لجيلٍ من الباسك الذين رفضوا الاستسلام، وطرقوا أبواب أوروبا بكل شجاعة.
مهما تعددت محطاته لاحقًا – في تورينو، إشبيلية، نابولي، وتوتنهام – فإن روحه ستظل مرتبطة بليالي سان ماميس، حيث ولد “الأسد الطويل”.