Nightlife

إيطاليا وكأس العالم: مملكة الدفاع ومرايا الانبعاث

إيطاليا وكأس العالم: مملكة الدفاع ومرايا الانبعاث

إيطاليا وكأس العالم: مملكة الدفاع ومرايا الانبعاث

قصة منتخب إيطاليا مع كأس العالم ليست فقط حكاية كروية، بل هي تاريخ أمة تعرف كيف تنهض بعد السقوط. منتخب صنع مجده عبر الواقعية، التنظيم الحديدي، والصلابة النفسية، وتحوّل إلى مدرسة قائمة بذاتها تُدرّس فن الدفاع، لكن أيضًا كانت له لحظات من الإبداع الهجومي والانتصار الساحر.

في هذا المقال، نغوص في رحلة “الآتزوري” داخل أكبر مسرح كروي عالمي، ونتأمل كيف ظلّت إيطاليا، رغم الإخفاقات المتكررة، قادرة على العودة من العدم.

بدايات المجد: هيمنة مبكرة (1934 – 1938)

أقيمت النسخة الثانية من كأس العالم في إيطاليا عام 1934، وفاز بها الآتزوري بقيادة المدرب الشهير فيتوريو بوتزو، بعد مشوار بدني وتكتيكي استثنائي.
لم يكن الانتصار مجرد فوز رياضي، بل كان رمزًا سياسيًا أيضًا للنظام الفاشي الذي أراد توظيف الكرة في خدمة القومية.

في 1938، أكّد بوتزو هيمنته عندما كرر الإنجاز في فرنسا، ليُصبح أول مدرب في التاريخ يفوز بكأسين عالميتين متتاليتين، وهو رقم لا يزال قائمًا حتى اليوم.

هكذا دخلت إيطاليا التاريخ مبكرًا، وباتت من القوى الكروية العظمى، حتى وإن مرّت لاحقًا بفترات من التراجع.

فترة الظلال: من الحرب إلى الضياع (1950 – 1966)

بعد الحرب العالمية الثانية، تأثرت إيطاليا اقتصاديًا ورياضيًا.
في كأس العالم 1950، خرجت من الدور الأول، وتكررت الإخفاقات في نسخ 1954 و1962، بينما لم تتأهل أصلًا لمونديال 1958.
وكانت الخيبة الأكبر في مونديال 1966 حين خسرت أمام كوريا الشمالية، في واحدة من أسوأ مفاجآت المونديال، وأثارت تلك النتيجة غضب الجماهير والصحافة الإيطالية، koora live.

لكن كما تعودنا، فإن كل سقوط إيطالي يتبعه نهوض لا يُتوقع.

مونديال 1970: عودة الكبار ومباراة القرن

شهدت نسخة 1970 عودة الآتزوري إلى القمة.
قاد الثلاثي ريفيرا، فاكيني، وماتزولا منتخب إيطاليا إلى النهائي بعد تخطي ألمانيا في نصف نهائي تاريخي انتهى 4-3 في الوقت الإضافي، وتُعرف حتى اليوم باسم “مباراة القرن“.

لكن الحلم توقف عند البرازيل بقيادة بيليه، وخسرت إيطاليا النهائي بنتيجة 4-1.

ورغم الخسارة، فإن إيطاليا أثبتت قدرتها على العودة لمصاف النخبة، بعدما تاهت طويلًا في دوامة التخبط.

1982: مفاجأة تاريخية وولادة باولو روسي

وصلت إيطاليا إلى مونديال إسبانيا 1982 وسط شكوك حادة، بعد أداء باهت في التصفيات وأزمة ثقة محلية.
لكن فجأة، انفجر المهاجم باولو روسي في الدور الثاني، وسجّل هاتريك في مرمى البرازيل في واحدة من أروع المباريات، ثم واصل التسجيل في نصف النهائي والنهائي.

فازت إيطاليا على ألمانيا 3-1 في النهائي، ليحرز الآتزوري لقبه الثالث، بعد أن قدّم نموذجًا في الصبر والانفجار في الوقت المناسب.

التسعينيات: جيل باجيو ومأساة ركلة الترجيح

كانت التسعينيات سنوات التوهج الفردي، خاصة مع النجم روبيرتو باجيو، الذي قاد الآتزوري إلى نهائي مونديال 1994 في الولايات المتحدة.

لعب باجيو دورًا بطوليًا، لكنه أضاع ركلة الترجيح الأخيرة أمام البرازيل، لتخسر إيطاليا بركلات الترجيح بعد تعادل سلبي في النهائي.

كانت تلك الخسارة مأساوية؛ لأن باجيو كان في قمة عطائه، ولأن الحلم ضاع في لحظة قاسية، رغم بطولة عظيمة.

2006: العودة من الرماد

ربما كان مونديال 2006 في ألمانيا هو الأكثر رمزية في تاريخ إيطاليا، لأن الفريق دخل البطولة في أجواء فضيحة “الكالتشيوبولي”، التي هزت كرة القدم الإيطالية.

لكن المدرب مارشيلو ليبي أعاد تنظيم الفريق على أساس الدفاع الحديدي، والانضباط التكتيكي، والاستثمار في مهارات لاعبين مثل بيرلو، توتي، كانافارو، وبوفون.

أقصت إيطاليا ألمانيا في نصف النهائي بهدفين متأخرين، ثم فازت على فرنسا في النهائي بركلات الترجيح، بعد التعادل 1-1، في مباراة شهيرة شهدت طرد زيدان بعد “النطحة”.

فازت إيطاليا بلقبها الرابع، وأثبتت أن العراقة لا تموت، حتى في أصعب الظروف.

السقوط مجددًا: إخفاقات ما بعد 2006

في مونديال 2010 و2014 خرجت إيطاليا من الدور الأول، في تكرار لمشهد مأساوي يشبه ما حصل في الخمسينات.
اللافت أن الفريق لم يكن يفتقر للمواهب، لكنه عانى من ضعف البناء والاستمرارية وسوء التخطيط.

والأقسى من ذلك، أن إيطاليا لم تتأهل أصلًا إلى مونديالي 2018 و2022، في صدمة كروية كبرى، خاصة أن الفريق كان قد تُوّج ببطولة يورو 2020 خلال تلك الفترة.

تلك التناقضات جعلت من إيطاليا منتخبًا يصعب التنبؤ بمصيره: قادر على الفوز بأي بطولة، وقادر على الغياب عنها تمامًا!

إيطاليا القادمة: هوية ضائعة أم مشروع متجدد؟

منذ 2023، تسعى إيطاليا لإعادة بناء منتخبها، لكن دون أسماء خارقة كما في السابق.
الاعتماد بات على الجهد الجماعي، ومدرسة “اللعب بالموجود”، لكن يظل الغموض قائمًا بشأن مدى قدرتهم على العودة للعب دور البطولة في مونديال 2026.

ما الذي يميز إيطاليا موندياليًا؟

  • دفاع أسطوري: من جنتيلي إلى نيستا وكانافارو.
  • حراس مرمى استثنائيون: زوف، بوفون، دوناروما.
  • واقعية تكتيكية تتفوق على المهارات الفردية.
  • القدرة العجيبة على النهوض من العدم.
  • تحولات مزاجية بين السقوط والانتصار.